الجمعة، أغسطس 13، 2010

كما نُشر في جريدة الوطن


يحيى عمر آل زايد
الجمعة 3 رمضان 1431 هـ 
 
لاحظت في كثير من الصحف والمنتديات والمدونات الأدبية موجة من التشاؤم من الكثير تجاه التيار الثقافي والحراك الفكري السعودي ! بينما بعضهم يصف العقل السعودي بأنه عقل مقيد ومكمم بالقوة ! سبق ووصفت العقل السعودي بأنه مستنسخ في كل جيل ! ولكنني لم أعمم الاستنساخ وقلت أن الكثير أستيقظ من غيبوبة الاتكال على الماضي ولكن لا يزال البعض لم يستيقظ ، فقط لكي لا يأتي أحد ويظهر مقالي السابق بوجهي استدلالا على أنني كنت معهم معمما ، كنت في منتصف المناوشات الفكرية والتراشقات الثقافية قبل شهور وذالك قبل انعزالي مؤقتا لأسباب خارجة عن إرادتي ، وأعلم جيدا ...
... مدى الفوضى التي نعانيها ! فوضى الفكر ، فوضى العقل ! خلال مقالاتي في جريدة الوطن والحياة وأيضا في موقعي لفت نظري من التعليقات تعقيب الكثير علي بوجهة نظر معتدلة ومتوسطة وواعية وذالك جدا أسعدني ، وخلال حواري في مجلس حول مواضيع حساسة راق لي الكثير ممن ناقشني بوجهة نظر معتدلة وسطية ، ذالك ينفي ما عممه بعض الكتاب من أن العقل السعودي لا زال تحت تأثير عوامل تراكمية ! نعم لا زال البعض لم يستيقظ من غفوته لأنه لم ينتقد تراثة جيدا ، لم يحاول أن يقرأ ماضيه بحيادية لكي يصحح المستقبل القادم ، فنحن نعيد أخطاءنا في كل جيل ! ولكن هذا ليس عذرا لكي نعمم ! العقل السعودي موضوع اكبر من أن يطرح للحوار بين العامة ، موضوع يتردد الكثير في طرحة ربما لأنهم لا زالوا يتشبثون بمفهوم اعم وهو العقل العربي ! .
يدعوا بعض كتابنا في صحفنا وفي شبكة الانترنت أن نحرك عقولنا، ونستيقظ من ركودنا الذي يعتقدون أننا عليه ! أوهمونا بأننا لا نملك عقولاً ! حتى نسينا عقولنا ! أوهمونا بأننا لسنا سوى تراكمات خبرات محدودة ضيقة الأفق ! حتى تزعزعت ثقتنا بنفسنا ! ربما حكم هؤلاء " البعض " على الآخرين بناء على محيطهم فقط أو على تاريخهم ! أو أن لعنة " النخبوية الفكرية " والتقوقع الثقافي لا تزال تُوهمهم أن الباقيين ليسوا سوا أدوات ! وأنهم الأفضل ! أتعجب من بعض مثقفينا عندما يعتقدون أنهم هم أصحاب العقول الحرة _ كما يزعمون _ وأنهم الناجين من التيار التقليدي السعودي ! الذي لا أرى فيه عيب سوى بعض الأخطاء التي يجب أن تُصحح من قبلنا كمثقفين بالحوار الواعي ، وإن كانت هناك عينات لا تقبل بذالك " خوفا أو تشددا " فلنحاول الإصلاح من غير تقسيم ثم هروب نحو حزب نتيجة لارتداد نفسي عنيف تجاه الهجوم المتحجر الغير متوقع ، لا زلت أتعجب من تناقضات كثيرة في بعض مثقفينا حينما يحاربون أمور خاطئة هم أنفسهم يعملونها ! ، يدعون إلى النقاش والحوار وعندما أناقش بعضهم أجده أول من يطبق مفهوم الأحادية الفكرية ! ، هناك بعض الأقلام التي كرست نفسها للحديث عن قضايا معينة وكأن همها الأول والأخير هو تحقيق ما يدعون إليه ولو بالقوة ! ويفتحون النار عند أول حادثة تُشير إلى هذه القضية، وتناسوا أنهم أنفسهم يدعون إلى الحرية ! فإن كنت تريد تطبيق مفهوم معين ولم يقتنع به مجتمعك فطبقه في محيطك الذي يخصك ولا يجب عليك أن تفرضه بالقوة على الآخرين من خلال تكرار ممل مستمر أو ترصد ! الثقافة ليست حصرا على أشخاص ! ولا على أندية أدبية أو تجمعات فكرية ! وإن مشكلتنا هي في اقتناعنا بأن هناك من هم أولى بالتفكير وثقتنا الخاطئة بالبعض في كلا الحزبين _ كما يريد مصنفي المجتمع أن يتحدثوا _ ، الثقافة ليست مظهرا اجتماعيا أو مرجعا ماديا ! حيث تحولت لدى البعض إلى سلعة ! وتطبيق قانون " أدفع لي أكتب لك ما تريد ! " وأعلنها صريحة ، لطالما عارضت النخبوية والحزبيات في مقالات سابقة لا أعلم ما الفائدة من تقسيم المجتمع فذالك سبب رئيسي للسقوط والغرق أكثر " فرق تسد " ، فإن لم تكن معي بوجهة نظري فأنت بالتأكيد معهم وبالتالي تتعرض للنبذ ! قانون ثقافي جديد في مجتمعي ! لن نرتقي ولن نتطور ما دمنا نتراشق في حزبيات ! فإما الليبرالية والعلمانية وإما التشدد الديني الأعمى ! ، أنا لا أشن هجوما على بعض مثقفينا كما سيقول لي البعض ، و لا أهاجم المجتمع والعقل السعودي كما سيفهم البعض المقال بالعكس " كالعادة " ! ، ولكنني أنقد مجتمعي من وجهة نظر مواطن بسيط قارئ ومختلط مع المثقفين وذالك يعطيني ميزة بأنني عايشت كل الأحزاب _ لمحبي التصنيف مرة أخرى _ ، من الجميل فتح باب الحوار والنقاش ، من الجميل تحريك الساحة الثقافية السعودية ، ولكن رجاء سادتي من غير تمييز وتصنيف ! ولا زلت أوقن بأن ساحات الحوار لدينا ستتحول رغم ما ندعية من ثقافة وعلم إلى ساحة أشلاء ! .

هناك تعليق واحد:

  1. أهلاً بك صديقي يحيى .. وكل عام وأنت بخير..،

    - اعجبني ما ذهبت إليه في الأخير عندما حكيت عن الهالة الحزبية التي يعشيها المشهد الثقافي السعودي في سياق " إلم تكن معي فأنت ضدي وعدووي اللدود"، مع أن الحزبية في ذاتها تصنع إشراقاً معرفياً وتنوعاً هاماً في صناعة أطياف المشهد الثقافي العام.
    ودائماً ما أكرر أن علينا الا نبدأ بتقسيم الأخرين كأنهم ينتمون إلى تيار معين ما لم يذهبوا إلى ذلك بإعلانه صراحة فمن آمن ليس كمن كفر. ومن قال أنا اعارض من الليبرالية حدودها ومن التشدد الديني حدوده ليس كمن قال أنا ليبرالي مؤمن بها أو أنا متشدد مؤمن بهذا.
    إن علينا كشباب ناشئ وجديد سيصنع غداً اللوحة الثقافية لمجتمع وبلده أن يعي أن الحديث الخطابي لا يقوم على تصنيف الناس لأحزاب ، الرأي ودقة النظر مهما خالفت أفكار حزب أو آخر يجب أن تكون مشروعاً جديداً للقارئ والمتابع .. وعلينا أن نصنع تياراً جديدا ً لا فكرة له ولا تعاليم له سوى فكرة " الاستقلالية".

    - مقالك رائع وبه عدة نقاط جميلة. اسمح لي ان اضع ردي ايضاً في مدونتك حتى نتبادل الزيارات الرمضانية.

    تحياتي

    ردحذف