الأحد، أكتوبر 10، 2010

كما نُشر في مجلة " نبضنا "

image

قراءة كتاب " النصوص المُحرمة "


قرأت العديد من الكتب ، وتنوعت فيها ما بين الميتافيزيقا ، والانثروبولوجي ، والشعر ، والرواية ، وفن المقالة ، وما بين كُتاب عرب وغرب ، كل ما قرأته لا يعد كونه من باب التثقف ، واستزادة معلومات وخبرات ، وكذالك مصطلحات ، لذلك لا أعمل أي تعقيب عليها ، ولكنني قرأت مؤخراً كتاب لفت نظري ، وجعلني أقوم بكتابة هذا المقال ، لأنني لن أنسى شهر كامل قرأته فيه ، يسألني البعض : لماذا شهر كامل في كتاب لا يتجاوز 400 صفحة ؟ أقول لهم : دائماً ما أحب أن أستوعب ما أقرأ ، لذلك أُجزّئ الكتاب وأقرأه بتركيز ، لأخرج منه بفائدة ، لطالما أيقنت أن من يقرأ كتاب في فترة قصيرة ليس سوى واحد من شخصين : الأول يوهم نفسه بأنه مثقف ولذالك يقرأ الكتب بسرعة ولكنه ...
... لا يخرج منها بشيء لأنه فقط يريد أن يقرأ كتاب معين ويقول للآخرين أنه قرأه ! والثاني شخص متمرس في القراءة ، كاتب من فطاحلة الحرف ، من يملك عين كاتب ومثقف فيقرأ الكتاب بعقل من اعتاد الكتب ، لذلك يقرأ الكتاب بفن ويأخذ ما يريد منه في فترة قصيرة ، لست من النوع الأول وبالتأكيد لست من الثاني ولكنني أريد أن أعمل نوع ثالث ! " النصوص المحرمة ونصوص أخرى ، مالكوم اكس " ترجمة وتعليق : حمد العيسى ، تقديم الدكتور : جلال أمين ، في هذا الكتاب الذي يتكون من 323 صفحة مقسمة إلى 14 جزء ، نبحر في باقة متنوعة من النصوص المثيرة ومن المقابلات التلفزيونية للشخصيات التي في كل جزء من ترجمة الرائع والكاتب السعودي حمد العيسى ، شدني الكتاب منذ لحظة إطلالتي عليه في معرض الكتاب الدولي بالرياض 2009 قبل شهور بغلافه الأسود وخيال وجه مفكر وعلى جانبه كلمة عملاقة لشخصية من أكثر الشخصيات إثارة و أوقن أن الكتاب كتب من أجله وهو الشهيد : ( مالكوم اكس ) ، ذلك الأسود الذي عاني من العنصرية ، فأخرج لسان من نار وأحرج أمريكا من عمقها ، في فترة من زمنها كانت تعاني من عنصرية متوهجة ، أعجبني المؤتمر الصحفي الذي كان عند عودته من الحج من مكة المكرمة ، عام 1964 حيث قال فيه : ( عندما كنت في الحج كانت لي علاقة وثيقة بمسلمين لون جلودهم يعتبر في أمريكا أبيض ، ولكنهم لم يَدعُوا أنفسهم بيضً بل أبناء آدم ، أي جزء من عائلة البشر ، إذا كان الإسلام فعل بهم هذا ، فربما إذا درس الرجل الأبيض في أمريكا الإسلام ، ربما يفعل الإسلام الشيء نفسه به ) " ص73 "، من هذا الكتاب أحسست بمأساة السود آنذاك وعرفت معنى كلمة " عنصري " ، عانى مالكوم من العنصرية كما عانى منها جميع السود بأمريكا ولكنه ضل إلى الآن حياً بينما الآخرون من السود ذهبوا ونسيهم الزمن ! في جزء آخر من الكتاب عرفت أكثر عن ضمير أمريكا والمناهض لسياستها أستاذ اللغة واللسانيات " نعوم تشومسكي " ( من صفحة 95 إلى 124 ) . وقوته في إبداء رأيه ضد السياسة الأمريكية وقوة حججه ، علمني معنى الثقة ، ومعنى أن أكون على حق في أي مكان وأي زمن ، لقطات له أذهلتني ومنها عندما أحرج المذيع سباستيان في برنامجه " هارد توك " عندما استطاع أن يقلب وجهة نظر المذيع تجاه سياسة أمريكا بعد 11 من سبتمبر من غير أن يدرك المذيع ذلك ! ومن أروع ما في الكتاب أنك ستجده شاملاً لكل أصناف البشر فمن المفكر للعامل للمناهض للرئيس للمسرحي والقاص وأيضا لرئيس شركة ووصل حتى لأينشتاين في نبذة عن حياة الفيزيائي لم يتطرق لها أي كتاب عربي _ على حد علمي _ ففي جزء آينشتاين أعجبني جدا الالتفاف حول حياته خلف الستار ، بعيداً عن آينشتاين المعروف ، ودحض بالأدلة الكتاب المقولة المنتشرة بأن آينشتاين هو أساس القنبلة الذرية ، بينما لم تكن له علاقة أبدا بالنووي سوى في رسالته إلى الرئيس الأمريكي روزفلت يتحدث عن اليورانيوم ، ومن مقولاته التي وقفت عندها طويلاً ما قاله في رسالته لرئيس الوزراء الإسرائيلي حاييم وايزمان : ( إذا لم ننجح في الوصول إلى طريق للتعاون الصادق والاتفاق مع العرب ، فكأننا لم نتعلم شيئا من محنتنا التي استمرت ألفي عام ، وسوف نستحق المصير الذي سنصل إليه ) . آخر ما أريد التحدث عنه من النصوص المحرمة وهو آخر جزء ، كان للكاتبة والمثقفة الأمريكية التي عاشت في السعودية " بت مينوسك بينغر " حيث قالت في مقال لها : ( أحببت الأرض ، أحببت أن أطفالي في أمن ، أحببت نداء الصلاة 5 مرات في اليوم ، أنا فخورة بأن أبنائي نشؤوا في السعودية مدة خمس سنوات ،أحببت أن أخرج من غير إغلاق باب منزلي ، لم أكن بحاجة إلى تعليم أطفالي عدم الحديث مع الغرباء ورفض الهدايا منهم ، أحببت الجلوس على درج رخامي أمام محل مغلق انتظار انتهاء الصلاة ليفتح) ، وفي نموذج المثقفة رد على الإعلام الصهيوني المحارب للسعودية وهو ما فعلته عند عودتها ، فمن الظلم أن يعمم الإرهاب على دين أو بلد ، ليست هذه سوى قراءة سريعة على الكتاب ، أتمنى من الكل اقتناءه ، وشكرا لحمد العيسى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق