يشهد ربي كم تعلقت بهذه المنطقة هذا العام ، أكثر من أي عام مضى ! وها أنا ألملم حقائب البكاء وحقاتب السفر والترحال عائدا الى حيث يوجد الجحيم ! ولكنه _ صدقوني _ جحيم جميل لمن اعتاد عليه على تطوره ، كانت مرحلة جميلة من حياتي ، نعم هذه الصيفية تعتبر مرحلة عندي لأنني حققت فيها أشياء لم أكن أعتقد بانني سأفعلها ! عادت روحي المفقودة منذ زمن ، اشتكيت وبكيت من فقدانها كثيرا ، قادني سحابة نحو هلال ليلة باكية بالمطر فدلتني على هذه الروح الوحيدة مغروسة في أحدى نهايات الهلال بغدر الزمان ! تنزف حروفا لم يستقبلها سوا العصافير والفراش ! حينما تكون للروح سطوة ، يكون للعقل غيبة ! ، حينما تكون للروح شهوة حب وراحة ! يكون الى أبها وجهه !
في أيامي الاخيرة ، في آخر صباحيات جنوبية عسيرية لي في مدينة الضباب ، أتأمل الشروق وأحلم بأحلام كثيرة ، لا مجال لذكرها هنا ، عفوا تلك من المحرمات ! ، أبها حسبتك جنة الجنات ، أقسمت انك قطعة من ذاتي ، لم أعرف أحد لسعته هذه الابيات أكثر مني ! حقائبي بجانبي ، أمامي ، لوحدي أغفوا على موسيقى الهذيان ، حزين ، لفراق أحباب ، ثقوا إن قلت لكم أن هذه الحروف خرجت مع دمعي ، وخرج معها جزء مني سيبقى هائما هنا في شرفة على جنة ، وسأقابل هذا الجزء مني في السنة القادمة ، ولكن أخاف أن ترتمي قطعى الروح هذه في
غياهب الزمان ! فيضيع جزء أبها ، فهل تحافظون عليها ، أمانة هي عندكم فاحفظوها ، وراعوها فهي حزينة ومزاجية كصاحبها ، وربما قادها الامر الى إيذاء آخرين ! سأحدثها قبل أن اتركها أعدكم فلا تخافوا !
عشت مع من أحب شهور جميلة ، وقابلت بالمحبة أشخاص كثار ولعل على أبرزهم الجميل ( أبو باسل ) ذالك الصديق الوفي منذ سنوات ، رغم فارق السن الا أنه يثبت لي انه يتعامل مع عقول لا مع أعمار ، فقط لو كفاني من استفزازاته المتكررة وهو يعلم ماذا أقصد ، هناك أشخاص قادتني الصدفة لهم ، أتشرف بهم ولهم سلامي ومحبتي مع الاثير ومع الريح وربما في أقرب موجة غبار تأتهم ستأتي معها ! ( يحيى العلكمي & علي الالمعي ) أتشرف بكم وسعادتي كبيرة بلقائكم ، ابراهيم " الجديد " ، أحمد " الجميل " ، عبدالله " الشقي " ، يا أبناء العم ، لكم مني سلاما وقبلات الوداع التي ستكون قد أتتكم لحظة قرائتكم لهذه الحروف ، فتذكروني كلما السحاب أتى وأمطر وأرعد على جبال الجنوب ، اذكروني كلما رأيتم الطير حائرا في وجهته ! إلي دلوه .
حدثني شخص غفر الله لنا قائلا : ( لماذا تحب أبها ألم ترى ماذا حدث للكثير بسبب صفات بعض سكانها ! ) فأجبته : ( أحب أبها لأنها أبها ولن يشوه صورتها أحد وإنني لحقا مشفق على هؤلاء العينة ! ولا أتمتى إلا أن نعيش أحبه ، متصالحين مع غيرنا وقبل ذالك مع ذواتنا ) فقال لي : ( إذا لماذا ترفض العيش فيها ؟ ) أجبته قائلا : ( لم أولد في أبها ، ولم أعرفها كساكن فيها أبداً بل عرفتها طوال عمري كزائر لها ، ولهذا أحببتها ، وربما لو عشت واستقريت فيها كرهتها ، لذالك لا أريد أن أكرهها أو أكره أحد فيها ، أريد ان أحب الكل وأن أبقى محبا لها ، ثم إن عشت خارجها ستكتشف الكثير من المفارقات في عسير لن يدركها أهلها وستحول بينك وبين السكن فيها ، سرها في كونك عاشق بعيدا ) .
وداعا أبها ، أرض السلام ، ارض الضباب ، اليومية الأخيرة من سلسلة يوميات ألمعي في جبال الجنوب والسنة القادمة نستكمل إن كان لي عمر وإن لم أكن بينكم هنا في السنة القادمة فتذكروا حروفي ، وأتمنى أن أكون قد تركت انطباعا جيدا ، تذكروني أحبتي في أبها ، اذكروني كلما الليل أتى ، اذكروني كلما الطير غفى ،اذكروا فيني شخص يدعى يحيى !