الأحد، مارس 21، 2010

كما نُشر في جريدة الحياة


«قوقعة» الرقابة الفكرية

لست أول ولا آخر كاتب يتحدث عن ذلك، وربما قُتِل هذا الموضوع طرحاً، ولكنني أكتب تجربة شخص عانى من هذا الأمر، للأسف لدينا أناس وضعوا اسم مؤلفين وكتاب عدة - بضم الكاف - في «القائمة السوداء» بسبب كتاب أو أطروحة معينة، على رغم أن معظم إنتاجه جيد، لماذا نُحرَم من كتاب كثر لمجرد أنهم تجاوزوا الحد في كتاب أو كتابين أو أكثر قليلاً! نثبت عليهم الخطأ لا تصرخوا بذلك أنا أعلم، ولكن لماذا نُحرَم من مؤلفاتهم الأخرى المنقحة والخالية من التجاوزات؟!
أسمع هناك من يقول إنه لا يوجد مؤلف مخالف في بعض أطروحاته لديه مؤلفات جيدة! ولكن هذا قول مردود ومرفوض، فالمتأمل في كُتّاب كثر - لدينا - يرى أن ...
... مؤلفاتهم منحصرة على عدد معين والباقي يحجب! ولو تأملت الباقي لما وجدت فيه شيئاً! ولكن حجب بسبب انه لم يُعجب الشخص الذي أوصى بحجبه! وفي المقابل هناك الكثير من المؤلفين المبتدئين يقدحون ويسبون حتى تعرضوا لأشخاص ولم تحجب لهم مؤلفات! فقط لأن الإعلام لم يسلط الضوء عليهم! نحن لا نتعامل بمنطق هل الكاتب جيد أو سيئ، مسلم أو كافر، فالحرف لا هوية له ولا دين ولا لغة، ولكن نتعامل هل هذه المادة التي بين أيدينا صالحة للنشر أم لا بغض النظر عن كاتبها؟ هل الرقابة لدينا تأخذ قراراتها من الصحف والإعلام؟ كل كتاب مخالف لتفكير البعض أو جديد عليه يجب منعه حتى يثبت العكس! هكذا هو القانون السائد حالياً! يجب أن تكون هناك لجنة من المثقفين ومن المفكرين والكتاب هم من يقررون ماذا يمنع وماذا ينشر؟ لا أشخاص لم يدركوا بعد أبعاد اللغة وجمالياتها وبالتأكيد خفاياها، فينساقون خلف الظاهر بينما هناك المصائب في الباطن في كتب كثيرة مليئة بالكنايات! والأسوأ لا مجال للحوار معهم! إن المتأمل لحال الإنتاج الأدبي لدينا يقول هؤلاء أمة منتجة، ولكن المتأمل برواد المكاتب لدينا يقول هؤلاء أمة خاملة! لأن معظم من يريد الشراء لن يذهب حتى لمعرض الكتاب، فهو يعرف مسبقاً أن سقف الحرية لدينا منخفض، حتى أنك كزائر لا تجد في المعرض ما يُثير الاهتمام، باستثناء الأطروحات الجديدة، ما نفعله الآن لا يسمى رقابة بل تهميش كتّاب معينين وحظر إنتاجهم إلى الأبد! ربما أتى هذا السبب من منطلق ديني وحب للنهي عن المنكر وببراءة، ولكن يجب أن يُسمع الصوت الآخر، ويجب أيضاً عدم الانسياق خلف المشاعر، فالظاهر لا يعكس الباطن وكذلك الباطن لا يظهره الظاهر من النصوص، نحن كقراء نريد متابعة الجديد وليس المستهلك أو ما «نفخه» الإعلام! المضحك حقاً أن يَكتب كاتب سعودي كتاباً ثم يُحظر داخل بلده وينشر خارجاً! إلى متى نظل متقوقعين داخل شرنقة خوفاً من الجديد الذي «قد» يحتوي على مخالف «وقد» لا يحتوي! وفي الحقيقة أن من أراد الخروج من العرف ومن الملة لن يحتاج إلى كتب لتخرجه!

هناك تعليق واحد:

  1. الاخ يحيى قد يكون سبب عزوف القراء عن المكتبات هو حصولهم على المعلومة بضغطة زر في مكتبة العم قوقل الله يسلمك .
    دمك بخير وعافية .

    ردحذف